اسلامي

الخلق العظيم

ابتسام جاسم الحمدان
فائدة بديعة في وصف خلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعظيم والمعهود أن يوصف الخلق بالكريم ..................... القرآن يقرر أن من تمام خلقه صلى الله عليه وسلم جهاد الكفار والمنافقين والغلظة معهم والإغلاظ عليهم
وهو السر في وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعظمة في أخلاقه، والمعهود أن يوصف بالكريم فيقال "كريم الأخلاق ولا يقال عظيم الأخلاق.
وهذه لطيفة كان أول من أشار إليها-حسب اطلاعي- الحليمي البخاري الجرجاني، أبو عبد الله (ت٤٠٣هـ) في قوله تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] حيث قال : «قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} أي عظيم القدر، لا يكون مثله إلا للأنبياء. والأغلب أن الخلق توصف بالكريم دون العظيم، لكن الوصف بالكريم يراد به الثناء على صاحبه بالسماحة والديانة.
ولم يكن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصورًا على هذا، بل كان رحيمًا بالمؤمنين، رفيقًا بأولياء الله أجمعين، غليظًا على الكافرين شديدًا على المخالفين.
لا يغضب لنفسه ولكن يغضب لربه أشد الغضب حتى ينتقم له.
وكان مهيبًا في صدور الأعداء منصورًا بالرعب ينهزم العدو منه مسيرة شهر فرقا منه.
فلم يكن من حقه أن يقتصر في وصف خلقه على الكريم بل كان الوصف العظيم أولى به ليدخل فيه الإنعام والانتقام معاً، والغلظ والشدة جميعا، ويعلم أنه لم يكن يتصرف راجي خير منه بيأس ولا يسلم له عدو من بأس»( المنهاج في شعب الإيمان (2/ 73))
وهذا كلام نفيس جداً؛ لأن الشدة على الكافرين والمنافقين، والغلظة عليهم، هي من أكمل الأخلاق وأعظمها ؛ لأن مكارم الأخلاق تقتضي وضع الحق في نصابه والسير على شرع الله ومنهاجه، ومن كفر بالله تعالى كان من حق الله على عباده أن يعيدوه إلى الرشد والصواب، رحمة به أولاً ، وإعادة له إلى الفطرة التي خُلق عليها ثانياً، وذلك هو ما تقتضيه الحكمة العقلية والفطرة الإنسانية، ولذلك مدحت العرب من يستعمل الأخلاق في مواطنها من رحمة ورهبة ، وقسوة ورأفة .. فقالوا :
فَقَسَا لِيزْدَجِرُوا وَمَنْ يكُ حازمًا … فَلْيَقْسُ أحيْانًا عَلَى مَنْ يَرْحَمُ
وقالوا أيضاً :
فوضْع الندى في موضِع السيفِ بالعُلا … مُضرٌ كوضْعِ السيفِ في موضع النّدى
أ. محمد عبد القادر المهدي