marafek
marafek

علوم اللغة و الادب

[معاذة العنبرية : أهي أقصى حالات الحرص والتدبير أم أنها وقعت في وحل البخل ؟ ]

[معاذة العنبرية : أهي أقصى حالات الحرص والتدبير أم أنها وقعت في وحل البخل ؟ ]

فيصل

فيصل الطاحوس

24/04/2024
0 تعليق



ذكر الجاحظ في كتابه "البخلاء"


قال شيخ في حضرة مجموعة بخلاء : «لم أر في وضع الأمور مواضعها وفي توفيتها غاية حقوقها، كمعاذة العنبرية» . قالوا: «وما شأن معاذة هذه» ؟


قال: أهدى إليها العام ابن عمّ لها أضحية . فرأيتها كئيبة حزينة مفكّرة مطرقة، فقلت لها: مالك يا معّاذة؟ قالت أنا إمرأة أرملة وليس لي قيّم ، ولا عهد لي بتدبير لحم الأضاحي. وقد ذهب الذين كانوا يدبّرونه ويقومون بحقّه. وقد خفت أن يضيع بعض هذه الشاة، ولست أعرف وضع جميع أجزائها في أماكنها. وقد علمت أن الله لم يخلق فيها، ولا في غيرها شيئا لا منفعة فيه. ولكن المرء يعجز لا محالة. ولست أخاف من تضييع القليل إلا أنه يجر تضييع الكثير أما القرن فالوجه فيه معروف، وهو أن يجعل منه كالخطاف ، ويسمّر في جذع من أجذاع السقف، فيعلق عليه الزّبل والكيران ، وكل ما خيف عليه من الفأر، والنمل والسنانير، وبنات وردان ، والحيّات، وغير ذلك. وأما المصران فإنه لأوتار المندفة، وبنا الى ذلك أعظم الحاجة. وأما قحف الرأس، واللحيان، وسائر العظام، فسبيله أن يكسر بعد أن يعرق، ثم يطبخ، فما ارتفع من الدسم كان للمصباح وللإدام وللعصيدة ، ولغير ذلك، ثم تؤخذ تلك العظام فيوقد بها، فلم ير الناس وقودا قط أصفى ولا أحسن لهبا منه، وإذا كانت كذلك فهي أسرع في القدر، لقلة ما يخالطها من الدخان. وأما الإهاب فالجلد نفسه جراب . وللصوف وجوه لا تعد. وأما الفرث والبعر، فحطب إذا جفّف عجيب» .


ثم قالت: «بقي الآن علينا الانتفاع بالدم. وقد علمت أن الله، عزّ وجلّ، لم يحرّم من الدم المسفوح إلا أكله وشربه، وأن له مواضع يجوز فيها، ولا يمنع منها؛ وإن أنا لم أقع على علم ذلك حتى يرضع موضع لإنتفاع به، وصار كيّة في قلبي، وقذّى في عيني، وهمّا لا يزال يعودني» .


قال: «فلم ألبث أن رأيتها قط طلّقت وتبسّمت. فقلت: «ينبغي أن يكون قد انفتح لك باب الرأي في الدم» . قالت: «أجل ذكرت أن عندي قدورا شامية جددا. وقد زعموا أنه ليس شيء أدبغ ، ولا أزيد في قوتها من التلطيخ بالدم الحار الدسم، وقد استرحت الآن، إذ وقع كل شيء موقعه» .


قال: «ثم لقيتها بعد ستة أشهر، فقلت لها: كيف كان قديد تلك الشاة» ؟ قالت: «بأبي أنت! لم يجيء وقت القديد بعد. لنا في الشحم والإلية والجنوب والعظم المعرّق وفي غير ذلك معاش. ولكل شيء إبّان » .


فقبض صاحب الحمار والماء العذب قبضة من حصى، ثم ضرب بها الأرض، ثم قال: «لا تعلم أنك من المسرفين، حتى تسمع بأخبار الصالحين»


تعليقات المستخدم

تعليقات المستخدم