نفسي

ثغرات عقليةومسارب ذهنية توقعنا بالأخطاء

فيصل الطاحوس
هل شهدت حوارا حادا حدسك يقول ان هناك خطأ ما في منطق الرجل الأول ويرد عليه الرجل الثاني بكلام فيه خلل أيضا أنت تحس أن هنالك خطأ ما ولكنك اذ تتلمس الخطأ تحتار في تحديد الخطأ وتشريحه ووصفه !
كثير من الحجاج أو محاولة تصور الواقع والإستدلال تحتوي خطأ في الإنطلاق من المقدمات والمسلمات إلى النتائج ! أو في تعيين وتحديد تلك المقدمات أو المعلومات الأولية في نسق التفكير
تكشف لنا أساليب الخداع المستعملة في عملية الاستدلال والمسارب والثغرات الذهنية , ومواطن الخلل المرافقة لها في عملية التفكير تكشف الحاجة لتعيين تلك الثغرات الذهنية وتصنيفها, عملا بقول آرثر شوبنهاور: كم سيكون رائعا لو أمكننا أن نقيض لكل خدعة جدلية اسما مختصرا وبينا, بحيث يتسنى لنا -كلما ارتكب أحد هذه الخدعة أو تلك- أن نوبخه عليها للتو واللحظة.
الإنسان كائن حجاجي من الدرجة الأولى قال تعالى " وكان الإنسان أكثر شسء جدلا " – سورة الكهف- فهو كائن معقد ومتذبذبة, تعتريها الكثير من العاطفة الشخصانية.
انتبه اليونان قديما للمغالطات المنطقية وحدد أرسطو 13 مغالطة منطقية, قال أفلاطون في محاورة جورجياس: في جدال يدور أمام جمهور من الأطفال عن الغذاء, فإن الحلواني كفيل بأن يهزم الطبيب, وفي جدال أمام جمهور من الكبار فإن سياسيا تسلح بالقدرة الخطابية وحيل الإقناع كفيل بأن يهزم أي مهندس أو عسكري حتى لو كان موضوع الجدال هو من تخصص هذين الأخرين. إن دغدغة عواطف الجمهور ورغباته أشد إقناعا من أي احتكام إلى العقل.
عندما يقول أحدهم لآخر: "مواطنو البلد الفلاني نصابون"، فهي مغالطة تعميم متسرّعة. لأنّها لم تُبن على دراسة أو حقائق دامغة. لكن حينما يميل المرء إلى اتخاذ قراراته وبناء أحكامه على أول معلومة تتناهى إلى أسماعه، فيصدّقها، هنا يُطلق على تصرّفه "تحيز إدراكي". وعلى وجهه تحديد يُسمّى ذلك تحيّز تأثير الارتساء ، أي أنّ المستمع قد رسخت في ذهنه المعلومة الأولى كما تستقر المرساة التي يلقي بها قبطان السفينة في قعر البحر.
فإذا استبعدنا المرض العقلي ومدخلات الحس المخادعة - كأن تقيل ظهرا وتستيقظ خلال فترة كسوف الشمس ولم تكن تعلم به, للحظة ستظن أنك استيقظت ليلا – فأخطاء الفكرتنقسم قسمين :
أولا - المغالطات المنطقية : فالمغالطة هي خطأ في التفكير أو الحجة ينتج من استخدام غير صحيح أو غير منطقي للمعلومات. ذلك أنّ المغالطات تؤدي إلى استنتاجات خاطئة أو غير مبرّرة، وغالباً ما تكون مضلّلة. ومن أمثلة المغالطات الشائعة: الاستدلال الخاطئ، والتعميم المفرط، والهجوم على الشخص بدلاً من الحجة، والاعتماد على المشاعر بدلاً من الأدلة المنطقية , لنعرض البنية الصحيحة للإستلال وعليه أي خروج أو خطأ في هذه البنية سنحصل على مغالطة منطقية
أركان وبنية الاستلال المنطقيي الصحيحة :
1- المقدمة الصحيحة : هي المعلومات اليقينية التي التي تنطلق منها عملية الإستدلال, مثلا (وجود دخان كثيف) أدركت هذه المثدمة بعينيك بصوة جازمة, علمك بصورة جازمة (الحريق يولد دخانا كثيفا)
2- الإستدلال : الربط بين المقدمات (وجود دخان كثيف) و (الحريق يولد دخانا كثيفا) للخروج بنتيجة , فالمقدمة الأولى أدركتها عيانا , المقدمة الثانية هي معلومة فيزيائية معلومة بالضرورة
3 – النتيجة : الخلاصة التي استنتجها عقلك من الإستفادة من المقدمات الصحيحة ==>> يوجد حريق أنت لنا خذا الدخان الكثيف
والخطأ في أحد هذه النقاط الثلاثة سيعطينا " مغالطة منطقية " , فمثلا مغالة : "مواطنو البلد الفلاني نصابون" أخطأ في تقريره لأنه لم يستقصي عن أبناء جميع البلد, وهكذا جميع المغالطات تكون خطأ في المقدمات – اما لخطا في أحد المقدمات أو اقحام مقدمة لا علاقة لها بالاستدال – أو الاستدلال - قحام مقدمة لا علاقة لها بالاستدال – , أو النتيجة, فالمغالطة هي خطأ في التفكير أو الحجة ينتج من استخدام غير صحيح أو غير منطقي للمعلومات. ذلك أنّ المغالطات تؤدي إلى استنتاجات خاطئة أو غير مبرّرة، وغالباً ما تكون مضلّلة. ومن أمثلة المغالطات الشائعة: الاستدلال الخاطئ، والتعميم المفرط، والهجوم على الشخص بدلاً من الحجة، والاعتماد على المشاعر بدلاً من الأدلة المنطقية,
ونجد المغالطات في ثنايا أحاديثنا على مدار الساعة. منها مثلاً خطاب أحد السياسيين البارزين الذي يستخدم مغالطة "الهجوم على الشخص" عندما يواجه بانتقادات لاذعة. فبدلاً من الردّ على الحجج المقدّمة، يصبّ جام غضبه وانتباهه على شخصية المنتقد. هذه مغالطة لأنّها تشتت الاهتمام عن الموضوع الأصلي. والأمر نفسه يحدث للمرأة التي تتعرّض لخيانة زوجية فتتسرّع لتقول: كل الرجال خونة!
والآن سنأخذ مثالا على مغالطة منطقية
- مثال مغالطة التعميم المتسرع :
تسمى كذلك: الاستدلال بالتعميم، أو التعميم الزائد، أو العينة غير الكافية، أو التعميم المخطئ، أو الاستدلال من أعداد صغيرة، أو الإحصاء غير الكافي.
هو أن ترى حكما أو وصفا عن شيء أو إنسان واحد أو أكثر، فتبدأ بتوسيع هذا الحكم على مجموعة من الأشياء أو البشر دون أن تتأكد من انطباق الوصف عليهم؛ بل فقط لأنهم يشاركونه في وصف آخر مختلف تماما (مثلا البلد أو اللغة أو اللون نفسه، ...) وليس له علاقة بالضرورة مع الحكم الذي ذهبت إلى تعميمه، وذلك لأسباب عاطفية أو تضليلية.
*ملاحظات:
- يقع غالبا الإنسان في التعميم؛ إما بسبب العجز والتكاسل عن التحقق من كل الحالات، أو خدمة لأحكام مسبقة يريد تأكيدها كالصراعات بين الشعوب والأعراق مثلًا، أو لتشويه صورة من يخالفه في مبدأ معين، كأن يقول مثلًا: «لا ينتقد الوزير أو العالم الفلاني إلا خبيث وسيئ خلق» رغم أنه لا علاقة بين الانتقاد -لأي كان- وسوء الخلق!
- مما يجب ملاحظته أيضا أن هناك فرقا بين التعميم والتعميم المتسرع؛ فليس كل تعميم مغالطة، بل يخرج من ذلك التعميم المبني على إحصائيات كاملة وتجريب يؤكده، كما يخرج منه أن يكون التعميم احتماليا وقائيا وليس يقينيا ملزما. فمثلا: لو حدث واختبرت خطر مادة أو كائن معين على فرد واحد، فليس من المغالطة اعتباره تعميما متسرعا بل هو تعميم من باب الاحتياط
ثانيا الإنحياز الإدراكي :
وهو انحياز وميل يقع فيه العقل البشري لجانب معيندون أسباب مقنعة أو تفضيل معلومات على أخرى بطريقة غير موضوعية تحت أسباب عاطفية ونفسية مما يسبب انحراف التفكير الابشري عن سكة العقلانية , وسنعرض الانجياز الإدراكي التالي على سبيل المثال والتوضيح
انحياز النجاة أو انحياز البقاء : يظهرُ هذا الانحيازُ عندما نُركِّزُ فقط على الأشخاص أوِ الأشياء التي "نجت" دون النَّظر لتلكَ التي "لم تنجُ" ممّا يُؤدِّي إلى حدوثِ العديدِ من الأخطاء الناجمةِ عن سوءِ تقديرٍ للوضعِ الرَّاهن. فقد نعتقدُ مثلًا أنّ الشُّروعَ بِمَشروعِنا الخاص أمٌر بسيط ونجاحُه (نجاتُه) أمرٌ محتَّمٌ، وذلك فقط لأننا لم نسمع من قبل عن أولئك الذين فشِلوا في تحقيق نفسِ المشروع الذي ننوي إقامته أولئك الذين لم تنجُ مشاريعُهم .
وتعتبر حادثة مراجعة الجيش الأمريكي للطائرات المصابة من أبرز حوادث " انحياو البقاء "
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت الطائرات الأمريكية المقاتلة تعود من المعركة بثقوب الرصاص بعد إتمام مهامها. مثل أي مشكلة أخرى، وضعت القيادة العسكرية بين أيدي علماء الرياضيات كل ما يعرفونه وتم توجيه السؤال التالي: هل تستطيعون مساعدتنا في تحسين فرص نجاة المقاتلات القاذفة من نيران العدو؟ بعد تحليل المناطق الأكثر إصابة بنيران العدو، كان الإتجاه بداية الى تقوية الأجزاء الأكثر تضررًا من الطائرات لتقليل العدد الذي تم إسقاطه. كان هذا رأي القادة العسكريين الذين اعتقدوا أن المنطق يشير إلى أنه يجب وضع حماية أكثر لتلك المناطق. ولكن عالم الرياضيات، أبراهام والد كان له نظرة أخرى في تحليله للبيانات وهو أن سبب عدم تغطية مناطق معينة من الطائرات بثقوب الرصاص هو أن الطائرات التي أصيبت في تلك المناطق لم تعد. كان القادة العسكريين متجهين الى إضافة دروع لا جدوى لها إلى جسد الطائرات لولا تدخل "والد" والذي استطاع انقاذ الموقف.
وبهذا نخيتم المقال ونوصي بالكتاب الماتع رجل القش ليوسف صامت بوحايك , للتوسع في معرفة المغالطات المنطقية والانحيازات الإدراكية .
تعليقات المستخدم
تعليقات المستخدم

معدن البرونز
06/05/2024

فيصل الطاحوس

" غوبكلي تَبه " أقدم موقع أثري إلى وقتنا الراهن
06/05/2024

فيصل الطاحوس

ثغرات عقليةومسارب ذهنية توقعنا بالأخطاء
26/04/2024

فيصل الطاحوس
![[معاذة العنبرية : أهي أقصى حالات الحرص والتدبير أم أنها وقعت في وحل البخل ؟ ]](/_next/image?url=https%3A%2F%2Fmarafekbackend.marafee.org%2Fpublic%2Fstorage%2Fuploads%2Fblogs%2F1713945004_QgpJoUtrq1gWZODcsVZdrM2S2BtcyMURcgLckUTFpwNXeDgl4I.png&w=828&q=75)
[معاذة العنبرية : أهي أقصى حالات الحرص والتدبير أم أنها وقعت في وحل البخل ؟ ]
24/04/2024

فيصل الطاحوس

رثاء بلد شيزر على لسان أميرها محارب الصليبيين
30/03/2024

فيصل الطاحوس